أم الزوج

0 1٬029

تخيلي سيدتي … أنت الآن حامل بطفل … رغبتك جامحة لرؤيته … انتظرته طويلا … اليوم يومك … فجأة أُخِذ منك مولودك بحجة طبية … أو غيرها … طال غيابه … سألتِ عنه … قيل لك أن امرأة أخرى قد أخذته … لا يُعرف لها سبيل … صرختِ وصرخت … مرات عديدة … بداخلك بركان من الغضب … من الألم … أين هو ولدي؟ ذهب … بل سُرق بدون رجعة … سرقته منك امرأة مثلك … أليس لديها إحساس؟ لِتضع نفسها في مكانك … فلربما قد تشعر وتحس بما في داخلك من أحزان وشجون …

هي نفس المشاعر والأحاسيس التي تحس بها الآن أم زوجكِ … حين تزوجتِ … وسلكتِ كل السبل لإبعاد زوجك عن أمه … حماتك… بحجج معظمها هاوية … هو فعلا قمة الحزن لها … إحساس امرأة مقصاة من حياة فلذة كبدها … من طرف امرأة مثلها …

حين ترى الزوجة … أن أم زوجها شريكة لها في ذاك الرجل … لكن ذلك الرجل هو جزء من أمه … وقطعة منها … ذلك الرجل الذي أصبح رجلا وزوجا بفضل أمه … التي ضحت بالغالي والنفيس من أجله …

ترفض أن يأخذ كُلُ مكانه … وتُبقي كل شخصية على طبيعتها حتى لا تختلط الأدوار… أن تكون هي المرأة الزوجة … وتكون هي المرأة الأم … لكنها ترى الأمور غير ذلك .

تنسى أن تلك الأم حملته تسعة أشهر وهنا على وهن … أرضعته حليبها وقضت العمر بأكمله تحلم باليوم الذي يكبر فيه ويصبح رجلا … هي لا تنتظر الجزاء … لكنها أيضا لا تستحق النكران أو النسيان … ويكفي أن نفعل ما جاء به القرآن …

يبدأ الصراع …

كيف سيتم إلغاء وجود تلك الأم من حياة إبنها؟ … وتنسى أن الحبل السري كان يربطهما معا حين كان جنينا في بطن أمه … كيف سيتم الإستغناء عن خدماتها بعدما أنهك التعب جسمها؟ … وهي من استغنت عن أحلامها من أجله وأهدته لها يوم زفافها … كيف سيتم سجنها وحيدة بين أركان غرفة مظلمة؟ … وهي من أخرجته من ظلمات أحشائها إلى نور الحياة … لتصير الأم في حياة إبنها بعد الزواج كثقل يزعج الزوجة التي تعتقد أنها شريكة لها في زوجها حتى وإن كانت أمه …

فكم من نساء يحلمن بزوج غني، وسيم، رومانسي ، طويل … و و و و… ويحلمن أيضا بأن يكون الزوج بلا أب ولا أم … مقطوع من شجرة لا تحمل جذورا ولا أغصانا … كأنه سينزل من السماء …

لكنها لا تتساءل ماذا عندها لتقدمه دونا عن غيرها؟ ألا تتساءل هل تقبل أن تكون في مكانها معزولة عن إبنها؟ …ألا يحق للأم الإستمتاع بحلاوة الحياة مع أبنائها حين يكبرون …

ليس الحل أن تُركن الأم في زاوية منعزلة حتى يعيش الإبن في سلام!!! … وليس الحل أن تُجازى بالإهمال واللامبالاة … تصوري معي لو كانت كل امرأة ترى أم زوجها أُمًا لها … بمحاسنها وعيوبها… ما كنا لعيش هذا الصراع المتوارث في ثقافتنا المليئة بالتناقضات … ما كنا لِنحمل على وجوهنا أقنعة يصعب التخلي عنها … وهي متوارثة جيلا عن جيل …

أُم الزوج ليست عدو … وليست شيطان … بل هي الأمومة بمعانيها… تمارسها سواء كان إبنها رجلا أم جنينا … هي الأمومة التي لا تتغير بالرغم من مرور الأعوام …هي رمز الحب العميق … هي كل الإنسان.

بقلم : سلوى الغرظاف

Loading...