آفة الاغتصاب

0 860

نحن مجتمع يعاني من آفة الاغتصاب. يُغتصب بالصوت والصورة كل يوم ألف مرة. يُغتصب في أخلاقه ودينه؛ في شرفه ومبادئه. يُغتصب في حقوق أبنائه وبناته. هي حرب صامتة باردة وغير معلنة. هي حرب فتاكة ومدمرة. هي أكثر من أي حرب دمرت القنابل أهاليها.

الصوت سمعه كل العالم بحزن وغضب. وما هو إلا صوت من أصوات كثيرة لا يسمع لها صدى. الصورة اشمأزت منها العين قبل الأذن. وهي تجسد عيوب هذا المجتمع وتعريه ليصبح جسدا عاريا، كتلك المحاولة في تعرية جسد تلك الفتاة . نحن بمجتمع عار من كل شيء لديه علاقة بالمباديء والأخلاق. وكل من حاول من الشرفاء ستر سوأته بثوب نظيف إلا ويرفضه المجتمع. فيعريه من جديد. فماذا ستفعل مع من يقبل بلمس جسد فتاة والعبث به؟ ذاك الصوت هو نداء وبكاء مرير على حالنا اليوم.

ما نراه ونعيشه لم يأت اعتباطا ولم يكن مجرد غلطة. هو مقصود لتشويه كل ما هو إنساني وأخلاقي. جاء يقتل كل طفل بريء بداخلنا ويستبدله بشيطان آثم لم يُبقي شيئا من مبادئنا. هو مقصود ابتدأ من البرامج التلفزية التي تغتصب عقول أطفالنا. حيث تقدم أبشع البرامج كغذاء سام للعقل والعين. زيادة على التعليم الذي فقد رونقه ودوره النبيل بالمجتمع على أساس أن العلم نور والجهل عار. فهل هناك عار أكثر مما نحن فيه؟ إلى الآباء والأمهات المغيبين … المستسلمين … الذين اعتزلوا دورهم منذ سنين. كيف نرفض ما يقع بشوارعنا ونحن نستضيف الأوبئة ببيوتنا ننتظرها بفارغ الصبر، ونحارب المصلحين بالغناء والرقص؟

كل يوم تُغتصب عقول المراهقين والمراهقات بكل الوسائل المختلفة. في زمن البحث عن الشهرة، الكل يحلم أن يصبح مشهورا. ما يعرض أمامنا من شخصيات تافهة أصبحت نجوما ساطعة في سماء المراهقين من لاشيء. كرسالة بليغة جدا. معناها إن أردت الشهرة إتبع خطواتنا. إلبس مثلنا. انسلخ من دينك وأخلاقك لتصبح نجما معبودا. ويكون لك جمهور وجيش. وكأن لك دينا خاصا بك تدعوا الناس إلى اعتناقه بكل ثقة في النفس.

ستظل هذه الحرب الصامتة الباردة معلنة. وستسقط المئات، بل الآلاف من الضحايا، الجرحى منهم بلا آثار خارجية، دماء، أوكسور واضحة. ضحايا من الجنسين تائهين بين ثقافات تقتحم حياتهم. أفكار مدسوسة تنخر عظامهم بأسماء تختلف على حسب نوع الرسالة.

متى سيستيقظ هذا المجتمع النائم من سباته العميق؟ متى سيعترف بأن المرض العضال قد أصاب كل الجسد وأنهكه؟ وأصاب كل الأفراد رجالا ونساء؟ وهل يمكن ذلك قبل إدراك أن العلاج يستوجب الإعتراف بالمرض أولا حتى يسهل الإستشفاء.

بقلم : سلوى الغرظاف
كاتبة وشاعرة بالمهجر
مقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية

Loading...