أمن الحج “خط أحمر”.. نيابة جديدة و20 دائرة قضائية وتحذير أمني
جاهزية سعودية تامة على مختلف الأصعدة، لا سيما الصعيدين الأمني والقضائي لتوفير الأمن والأمان لضيوف الرحمن بما يعينهم على أداء مناسكهم.
استحدثت النيابة العامة السعودية في موسم حج هذا العام نيابة جديدة باسم “نيابة أعمال الحج” ويتبعها 20 نيابة متخصصة تعمل على مدار الساعة في المشاعر المقدسة.
كما أعلنت وزارة العدل عن تجهيز 20 دائرة قضائية للنظر في القضايا الناشئة داخل حدود حرم مكة المكرمة ومنى ومشعر عرفة.
وبدورها أعلنت وزارة الداخلية السعودية جاهزية قوات أمن الحج لمواجهة ما قد يعكّر صفو ضيوف الرحمن “بأقصى درجات الحزم والقوة وبما يكفل للحجاج أداء مناسكهم بعيداً عن كل المؤثرات والشعارات التي لا مكان لها في هذه الأماكن المقدسة”.
أيضاً جنّدت القوات المسلحة السعودية طاقاتها وإمكاناتها كافة لخدمة ضيوف الرحمن بمشاركة جميع أفرعها بعدد من الوحدات والآليات والطائرات العامودية لأداء المهام الموكلة بها.
نيابة أعمال الحج
واستحدثت النيابة العامة في موسم حج هذا العام نيابة جديدة باسم “نيابة أعمال الحج” ويتبعها 20 نيابة متخصصة تعمل على مدار الساعة في المشاعر المقدسة.
وتباشر تلك النيابات كافة الاختصاصات القضائية النيابية (التحقيق، والادعاء العام، واستئناف الأحكام، والرقابة والتفتيش على السجون وأماكن التوقيف، والإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية)، بكوادر بشرية ذات كفاءة عدلية متميزة.
وتتم الإجراءات النيابية في موسم الحج عبر عملية تقنية متكاملة، ضمن مؤشرات قياس وتقييم، لضمان معالجة القضايا بشكل عاجل، إضافة إلى توثيقها وحفظ إجراءاتها وذلك ضمن مبادرة نيابة بلا ورق.
ويشارك مركز الاتصال والعمليات النيابية بمركبات مهيأة بأحدث الأجهزة التقنية لسرعة الانتقال والمعاينة ومباشرة الإجراءات من موقع الحدث ومسرح الجريمة.
النيابة العامة بدورها العدلي الجزائي رفعت من كفاءتها العدلية لحماية المشاعر المقدسة، والحجاج الموجودين بها، من خلال الدقة في معالجة القضايا الجزائية، والسرعة في إنهاء إجراءاتها وفق النظام.
20 دائرة قضائية
بدورها، أعلنت وزارة العدل تجهيز 20 دائرة قضائية للنظر في القضايا الناشئة داخل حدود حرم مكة المكرمة ومنى ومشعر عرفة، من ضمنهم دائرتان للقضايا العمالية، إضافة إلى 6 كتابات عدل متنقلة لتلبية احتياجات ومتطلبات ضيوف الرحمن التوثيقية.
وأوضحت الوزارة أن الخدمات التي توفرها خلال موسم الحج، تأتي في سياق الاهتمام الذي توليه قيادة المملكة، لخدمة ضيوف الرحمن وتيسير رحلتهم الإيمانية.
وأكدت الوزارة مراعاة تغطية المشاعر المقدسة في توزيع أماكن الدوائر القضائية، مع تعزيزها بالكوادر القضائية والإدارية المؤهلة لتسهيل سير عملها وإنجاز القضايا المنظورة العاجلة كافة والمتعلقة بحجاج بيت الله.
وبينت أن كتابات العدل المتنقلة ستقدم خدمات التوثيق للحجاج ولكل من يخدمهم من منسوبي القطاع الأمني والصحي وغيرهما، وكل من هو في نطاق الحرم المكي والمشاعر المقدسة، حيث سيأتي ممثل الخدمة للحاج أو منسوبي الجهات الحكومية المشاركة في الحج في مكان تواجدهم.
تحذير شديد اللهجة
على الصعيد الأمني، أكدت السعودية جاهزية قوات الأمن لمواجهة ما قد يعكر صفو ضيوف الرحمن “بحزم وقوة”، محذرة من أن “الشعارات لا مكان لها في الأماكن المقدسة”.
جاء هذا في كلمة لمدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية بالحج الفريق محمد بن عبدالله البسامي خلال حفل واستعراض نظمته قوات أمن الحج مساء الأحد بحضور الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي رئيس لجنة الحج العليا.
ويعد هذا ثالث تحذير سعودي من تسييس الحج ومحاولة استغلال الفريضة لرفع شعارات سياسية أو حزبية خلال أقل من أسبوعين.
وقال البسامي: “إن قوات أمن الحج جاهزة بكامل طاقاتها البشرية المدربة وقدراتها التقنية الحديثة لخدمة الحجيج، ولمواجهة ما قد يعكر صفو ضيوف الرحمن”.
وأردف: “وسيتم التعامل بأقصى درجات الحزم والقوة وبما يكفل للحجاج أداء مناسكهم بعيداً عن كل المؤثرات والشعارات التي لا مكان لها في هذه الأماكن المقدسة”.
وأكد مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية بالحج جاهزية قوات الأمن لأداء مهامها للمحافظة على أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام وتيسير أدائهم للمناسك.
القوات المسلحة.. جاهزة تامة
بدورها جندت القوات المسلحة طاقاتها وإمكاناتها كافة لخدمة ضيوف الرحمن بمشاركة جميع أفرعها بعدد من الوحدات والآليات والطائرات العامودية لأداء المهام الموكلة بها.
كما جهزت الإدارة العامة للخدمات الصحية في وزارة الدفاع، بعثة متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وذلك من خلال توفير الكوادر الطبية والصحية، والمستشفيات الثابتة والميدانية والمراكز الإسعافية.
وتشارك وزارة الدفاع ممثلة بالقوات البرية الملكية السعودية في حج هذا العام، بتأمين قوة تدخل سريع، وقوة مساندة في عمليات التطهير الميداني، وعمليات الكشف وإزالة المواد الخطرة في المنافذ البرية والمشاعر المقدسة، مجهزة بأحدث الأليات والمعدات المتقدمة، لدعم وإسناد قوى الأمن العام لضمان سلامة وأمن حجاج بيت الله الحرام.
وتساند القوات الجوية الملكية السعودية بعدد من سرايا الأمن والحماية في المطارات، وتغطية المنافذ الجوية بفنيين للكشف عن المواد الخطرة، وتوفير الطائرات اللازمة في مفرزة القوات الجوية في المشاعر المقدسة، لتنفيذ الخطة الأمنية وتحسباً لأي طارئ.
وأكملت القوات البحرية الملكية السعودية جاهزيتها لتغطية المنافذ البحرية في ميناء جدة الإسلامي وميناء الملك عبدالعزيز بفرق فنية مختصة بفحص الطرود ومساندة الجمارك، والتعرف على المواد المتفجرة، إضافة إلى فريق غواصين بكامل تجهيزاته للمساهمة في عمليات الإنقاذ ومساندة قوات الدفاع المدني.
تأتي مشاركة القوات المسلحة في الحج استكمالاً لجهود وخطط كافة الأجهزة والجهات الحكومية للإشراف على سلامة الحجاج، وتقديم جميع التسهيلات لخدمة ضيوف الرحمن ليتمكنوا من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة.
وتهدف وزارة الدفاع من مشاركتها في موسم حج هذا العام تقديم المساندة الأمنية لوزارة الداخلية في تنفيذ الخطة العامة لحفظ النظام، وتعزيز الإجراءات الأمنية المعتادة لمنع وقوع أي حوادث تخل بأمن الحج، إضافة إلى مساندة أعمال الدفاع المدني في حالات الطوارئ، وتقديم الإسناد الطبي، والإرشاد الديني، إلى جانب إدارة مخيمات وزارة الدفاع لاستضافة الحجاج من منسوبي الوزارة وحجاج دول التحالف والبعثات العسكرية الموجودة في المملكة، وتهيئة الاحتياجات اللازمة لهم طيلة فترة الحج.
توافد ضيوف الرحمن
ويتواصل توافد ضيوف الرحمن إلى السعودية من خارج المملكة لأداء مناسك الحج للمرة الأولى منذ عامين بسبب جائحة كورونا.
وكانت السعودية قد أعلنت، في 9 أبريل/نيسان الماضي، رفع عدد حجاج هذا العام إلى مليون شخص، مع السماح للقادمين من خارج المملكة بأداء مناسك الحج وفقا للحصص المخصصة للدول، مع الأخذ بالتوصيات الصحية.
وبلغ عدد الحجاج عام 2019 نحو 2,5 مليون حاج، لكن بعد تفشي فيروس كورونا في 2020 سمحت السعودية لعشرة آلاف شخص فقط من داخل المملكة بأداء الفريضة في هذا العام، قبل أن يتم رفع العدد في العام التالي 2021 إلى 60 ألفا ملقحين بالكامل من داخل المملكة من مختلف الجنسيات.
تحذيرات متكررة
ومع السماح بعودة الحجاج من الخارج، جددت السعودية تحذيراتها من تنظيم مسيرات في الحج، وهو تحذير اعتادت توجيهه كل عام قبيل جائحة كورونا، في ظل حرص الإيرانيين على إقامة مراسم ما يسمى بـ”البراءة من المشركين”، وسعي تنظيم “الإخوان” الإرهابي على تحريض عناصره لرفع الشعارات السياسية في الحج.
وإعلان “البراءة من المشركين” هو شعار طائفي ألزم أول مرشد لإيران الخميني الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات تستنكر وتتبرأ ممن يعتبرونهم مشركين، باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية إلى فريضة سياسية.
وخلال موسم الحج عام 2013، احتشد أتباع جماعة الإخوان لرفع شعار “رابعة” على جبل عرفات، رغم التحذيرات السعودية بعدم إقحام السياسة في المناسك الدينية.
ودشنت جهات مشبوهة يتصدرها عناصر إخوانية، خلال الأيام الماضية، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي عبر حسابات وهاشتاقات تحت اسم “الحج ليس آمناً” لترهيب ضيوف الرحمن من أداء الفريضة، والتحريض ضد المملكة، وإطلاق افتراءات للتشويش على جهود الرياض في خدمة الحجاج.
ودشن القائمون على الحملة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم “الحج ليس آمناً” حاولوا من خلالها بث سمومهم عبر بيانات وتغريدات وهاشتاقات ومقاطع فيديو، مليئة بالأكاذيب والتناقضات.
وتقف السعودية بحزم أمام محاولات تسييس الحج، مشددة على أهمية المحافظة على مقاصد الحج الإيمانية، وتعظيم شعيرة الحج واستغلاله في بذل الطاعات والعبادات تقربًا لله، وعدم الخروج عن شعيرة هذا النسك العظيم برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية.
وقبل يومين حذر المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ضيوف الرحمن من الوقوع فيما يفسد الحج، من اللغو والرفث والمعاصي والمنكرات من الأقوال والأفعال.
وبين أنه لا يجوز شرعًا لأي حاج أن يضر نفسه أو يسعى لإيصال الضرر إلى الآخرين، محذرًا من استغلال المناسك في إحداث الفوضى أو إيذاء الحجاج أو تعمد التدافع، أو رفع الشعارات السياسية والحزبية والنعرات القومية والتعصبات المذهبية، مؤكدًا أن كل هذه الأمور مخالفة لمقاصد شعيرة الحج وغايتها الأساسية، التي أمرنا الله فيها بالخضوع والتذلل له جل جلاله.
يأتي هذا بعد نحو أسبوع من دعوة الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين، الشيخ عبدالرحمن السديس، الحجاج للتفرغ للعبادة دون شعارات أو هتافات أو مسيرات.
وشدد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والنبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، على أن أمن الحرمين الشريفين وقاصديه “خطوط حمراء” يجب على كل مسلم مراعاتها.
وبين أن “على المسلمين أن يجعلوا تأديتهم لفريضة الحج منبرا للوسطية والاعتدال وإعلان التوحيد وإخلاص العمل”.
ودعا الحجاج إلى التعاون مع الجهات المعنية القائمة على تنظيم الحج وعلى رأسها الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين ومع رجال الأمن، مؤكدا أنهم “ما وجدو إلا لتحقيق أمنكم وسلامتكم”.