اختتمت مساء أمس الأحد 15 دجنبر 2019، الدورة الـ21 من أيام قرطاج المسرحية بفوز المخرج المغربي محمد الحر بجائزة الإخراج عن مسرحية “سماء أخرى”، التي لاقت إقبالا جماهيريا واسعا أثناء عرضها بمسرح دار الأوبرا بتونس.
وحصدت المسرحية المصرية “الطوق والإسورة” لفرقة مسرح الطليعة جائزة أفضل عمل مسرحي متكامل، وذهبت جائزة أفضل نص مسرحي للكاتب الفلسطيني عبد النبي الزيدي عن مسرحية “كلب الست”، فيما نالت مسرحية “مدق الحناء” من سلطنة عمان جائزة أفضل سينوغرافيا.
وآلت جائزة أفضل أداء نسائي للممثلة التونسية نادية بوستة عن مسرحية “سيكاتريس”، أما جائزة أفضل أداء رجالي فذهبت للممثل العراقي رائد محسن عن مسرحية “أمكنة إسماعيل” من العراق. كما تم تقديم مجموعة من الجوائز خارج المسابقة الرسمية للمهرجان.
وتميزت فعاليات المهرجان الذي تم تنظيمه في الفترة من 8 إلى 15 دجنبر الجاري، تحت شعار “عيش الفن”، بمشاركة أكثر من 100 مسرحية من جميع أنحاء العالم، منها 14 مسرحية في المسابقة الرسمية للمهرجان.
وشهد حفل الختام تكريم مجموعة من القامات المسرحية العربية الفاعلة في الحقل الثقافي والمسرحي، في مقدمتهم الممثلة المغربية ثريا جبران، وسمير العصفوري من مصر، وروجي عساف من لبنان وعزالدين المدني، ومحمد مومن، ومحمد رجاء فرحات من تونس.
الجدير بالذكر أن مسرحية “سماء أخرى” لفرقة اكون للثقافة الفنون بالرباط سبق لها أن فازت بالعديد من الجوائز في المهرجان الوطني للمسرح (دورة 2019) من بينها الجائزة الكبرى، وجائزة التأليف والإخراج لمحمد الحر، وجائزة التشخيص إناث مناصفة بين جليلة التلمسي وهاجر الحامدي، وجائزة التشخيص ذكور للممثل سعيد الهرادي.
واستأثر العرض المسرحي “سماء أخرى” لفرقة مسرح “أكون” بتفاعل واضح وتصفيق حار من قبل جمهور عاشق للمسرح من جنسيات مختلفة، أسره التناول الإبداعي المتميز لهذا العمل المسرحي المستلهم من مسرحية “يرما” للكاتب الإسباني فيديريكو غارسيا لوركا.
وأبرز مخرج المسرحية محمد الحر أن مسرحية “سماء أخرى”، إنتاج مسرحي لموسم 2019، وهي بمثابة استلهام حر من مسرحية “يرما” للوركا، مشيرا إلى أنه حرص فيها على “تجاوز الطابع الفلكلوري والإسباني، لتناول واقع مغربي آخر يتجاوز الأفكار الكبيرة…، من أجل الحديث عن الناس وما هو إنساني فيهم”.
وأضاف أنه حاول تناول هذا العمل المسرحي “بطريقة رمزية من خلال الحديث عن حالة الفنان المغربي الذي تراوده أحلام كثيرة منها حلم دخول التاريخ وأن تكون لبلاده مكانة بين الأمم والحضارات في مقابل مجموعة من الإطارات والأنظمة التي تتشكل منذ الدراسة في الصغر لتقص أجنحة الفنان”.
وسجل أنه يظهر من خلال ردود أفعال الجمهور التونسي والعربي، الذي تابع المسرحية أن “المسرح المغربي يمضي قدما نحو وضع بصمته ويحتل مكانة بين الأمم الأخرى”، مشيرا إلى أن المسرح المغربي “يعتبر الآن على الصعيد العربي مسرحا متطورا بالمقارنة مع مسارح أخرى، وأن الفنان المسرحي المغربي الشاب اليوم يطمح إلى العالمية ولديه جميع الامكانيات ليكون عالميا”.
وبخصوص اعتماد الدارجة المغربية في المسرحية مع أنها تشارك في مهرجانات أجنية قال محمد الحر إن “الأمر يتعلق أولا بمشروع فرقة “أكون” وفلسفتها المتمثلة في البحث عن مسرح يسمى المسرح الشامل، وهو في الوقت نفسه مسرح شعبي يخاطب الناس بالدرجة الأولى دون السقوط في الشعبوية، كما أنه مسرح جدي فيه بحث وتجريد دون أن يسقط في النخبوية”.
وأضاف أن “المرتكزات التي نقوم عليها هو أن مخاطبنا الأول هو المواطن المغربي من خلال الثقافة واللغة المغربية، وما نحاول أن نبيعه اليوم للعالم الآخر هو هذه الشاعرية وهذه القوة الكامنة في الدارجة المغربية”.
وبخصوص الجانب التقني في المسرحية قال محمد الحر إن “الرؤية الإخراجية حاولت الابتعاد عن ما يسمى بمسرح الكلام والسرد”، معتبرا أن “العالم الداخلي الذي يكون لدى الناس هو الذي يكون أكثر غنى وأكثر شاعرية ويمنحنا مساحات جمالية أكثر”.
وقالت الممثلة هاجر الحامدي، بطلة المسرحية ومديرة فنية بمسرح “أكون”، من جهتها، إن دورها في مسرحية “سماء أخرى”، هو دور فنانة فوتوغرافية معاصرة تجد نفسها بعد زواجها تحت قيود المجتمع، وهي ترغب في إنجاب طفل”.
وأضافت أن “موضوع العقم في المسرحية هو مجرد ذريعة من أجل التمكن من مناقشة مواضيع أخرى من بينها عدم التواصل وسلطة الرجل وضغط المجتمع العربي الشرقي”.
يذكر أن “سماء أخرى” هي من دراماتورجيا وإضاءة وإخراج محمد الحر، وتشخيص جليلة التلمسي، وهاجر الحامدي، وسعيد الهراسي وهاشم بسطاوي، وسينوغرافيا مصطفى العلوي.