في إطار البرنامج المتنوع للدورة الثالثة عشرة لمهرجان فيلم المرأة بسلا، الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 21 شتنبر 2019، قدمت 3 كاتبات متميزات من القارة الإفريقية مؤلفاتهن الجديدة، خلال ندوة أدارها الناقد والإعلامي المغربي حسن نرايس، ويتعلق الأمر برواية “الحياة بدوني” للكاتبة المغربية عائشة البصري، والمجموعة القصصية “ليلة رأس ميدوزا” لكاتبتها التونسية نجيبة الهمامي، ومؤلف “رمال وحرير” للكاتبة السينغالية أومو سي.
وقالت الكاتبة عائشة البصري إن رواية “الحياة بدوني” التي تتناول ظاهرة الاغتصاب أثناء الحروب وتدور أحداثها في الصين والفيتنام، ليست تثبيتا لأحداث تاريخية، بل هي تاريخ لتلك الأنة الخافتة للمرأة المغتصبة في الحروب، مضيفة انها حكاية من الماضي لإدانة العنف الذي يمارس على المرأة في حروب الحاضر، ودعوة لتحييد جسد المرأة في النزاعات المسلحة.
وأبرزت أن تجربتها الشعرية والسردية، تعبر عن انشغالها بالوضع الاعتباري للمرأة في المجتمع، موضحة أنها في هذه الرواية تناولت تيمة مختلفة، “وربما هي تيمة مختلفة كذلك عما سبق وكتب في الرواية العربية”، لافتة إلى ان اغتصاب الحروب ظل منطقة مجهولة أو مهملة في الرواية العربية لان هذا الموضوع بالذات يفتقد لشجاعة المغتصبات وقدرتهن على البوح.
فازت “الحياة من دوني”، بجائزة معرض الشارقة للكتاب الدولي-فرع الرواية لعام 2018، وتقول الكاتبة والشاعرة عائشة البصري إنها بدأت العمل على الرواية منذ عام 2014، ولم تنتهِ منه إلّا بعد إقامتها الفنية بين الوثائق والصور في متحف الحرب وبين المقابر الجماعية في مدينة نانجينغ في الصين، فتشرب حدسها بالحقائق التي احتاجتها وتحققت نبوءة مخيلتها التي أخذتها لقرية على ضفاف نهر “اليانغتشي” وجسر “ممر اليابانيين” لتكمل سردها بين ثلاثة فضاءات: المغرب وفيتنام والصين.
تنتصر الكاتبة مجددا للنساء وقضاياهن في مختلف البلاد، فالقارئ لتجربتيها الشعرية والروائية يجد أن البصري لا تتخطى شعورها ناحية النساء المعذبات بالأرض، فالتزامها هذا دفع بها في “الحياة من دوني” إلى الحديث عن نساء نانجينغ المغتصبات خلال الحرب العالمية الثانية، في حادثة فظيعة وقعت عام 1937 في المدينة حيث اغتُصبت عشرون ألف امرأة في ستة أسابيع، في واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية عُرفت بـ”مذبحة نانجينغ” ووصمت تاريخ اليابان بالسواد.
تدور أحداث الرواية التاريخية بين 1937 و2012، تبدأ من مدينة الدار البيضاء في المغرب وتنتهي فيها، وهي قصة عائلة صينية فلاحية فرت من قرية جسر “تشولانغ” بعد هجوم الجيش الياباني عليها إلى مغارات الجبل الأحمر، ثم إلى مدينة “نانجينغ” ولها توأم من فتاتين هما، جين مي وقوتشين.
تعيش الفتاتان حروبا وصراعات داخلية وخارجية، فجين مي تابعت حياتها بالصين وعاصرت تحولاتها، أما قوتشين فقد هربت رفقة بائع سلاح فرنسي من الصين لفيتنام، حيث تركها خلال الحرب الهندوصينية وفرّ إلى فرنسا، لتلحق هي بنساء المتعة المرافقات للجيوش المتحاربة.
وخلال حرب فيتنام تلتقي قوتشين بمحمد الشاب المغربي المجند في الجيش الفرنسي، فترافقه إلى فرنسا ثم إلى المغرب لتعيش في الدار البيضاء حتى وفاته.
لقد تركت الكاتبة ساحة الحرب خلفها لتتحدث عن حرب موازية تحدث في الخلفية حول حيازة جسد المرأة، وهي رواية متأثرة بجرائم تنظيم الدولة الإسلامية ضد النساء في المناطق العربية التي يسيطر عليها، كجرائم الاغتصاب والقتل والاسترقاق والتجنيد والبيع والشراء.
أما الكاتبة نجيبة الهمامي، فأبرزت أن اختيار العودة إلى الأسطورة لكتابة مجموعتها القصصية “ليلة رأس ميدوزا” التي تتكون من 10 قصص، كان انطلاقا من الواقع الذي نعيشه كملمح أسطوري، لاننا في كثير ما نعيشه الان وكأننا نحيى ما نتصوره أسطوريا ولا يحدث.
وأضافت إن مجموعتها القصصية، التي صدرت عن “دار سؤال” بلبنان سنة 2016، تحمل الوجوه العديدة للمرأة التونسية المختلفة، وجه الطالبة التي تواجه البطالة، وجه الأم التي تتحمل غياب ابنها المغتصب بصبر كبير، والزوجة التي تتعرض لإهمال وتسلط زوجها.
نجد الحضور القوي للأسطورة والميثيولوجيا من خلال ميدوسا، وحسب الأسطورة الإغريقية، ميدوسا كانت في البدء بنتا جميلة، غير أنها مارست الجنس مع بوسيدون في معبد أثينا ماجعلها تغضب، فحولت ميدوسا إلى امرأة بشعة المظهر كما حولت شعرها إلى ثعابين، وكان كل من ينظر إلى عينيها يتحول إلى حجر.
وبما أن ميدوسا كانت قابلة للموت، فقد تمكن برسيوس بمساعدة هرمس، حسب الميثولوجيا الإغريقية، من القضاء عليها وقطع رأسها لما نظر إلى صورة انعكاسها في درع آثينا، وأهدى رأسها لأثينا التي ساعدته وقامت بوضعه على درعها المسمى بالإيغيس.
وفي الختام قالت صاحبة مؤلف “رمال وحرير” السينغالية أومو سي، التي حصلت على العديد من الجوائز العالمية كمصممة وسفيرة لإفريقيا، إن عملها يسلط الضوء على إفريقيا مصدر إلهامها، مضيفة ان الفرنكوفونية دعمت مؤلفها الذي اعتبرته رحلة داخلية لامرأة استثنائية ارتقت إلى أعلى مستوى من الموضة العالمية.