بقلم : سلوى الغرظاف
مرحبا بكِ معنا
لم أستطع إقناعها بأن أرض المهجر هي أرض الله بما فيها من إيجابيات وسلبيات. قد تشعرين أحيانا بحلاوة الأشياء، وأحيانا بمرارتها؛ لكن تظل الأماكن مرتبطة بأسلوبك في الحياة. فلا يمكن أن نرمي اللوم على الأماكن والأشخاص لأن الحلم لم يتحقق أو لأن الرؤية لم تثبت بخيالنا؛ إذَّاك سيكون المتهم الأول هو المكان. فلِمَ لا تراجعين نفسك؟ لم لا تعترِفين أن الطريق الذي تنهجين لا توصل؟
أسوأ ما في الغربة هو ذلك الإحساس القاتل بالوحدانية التي تسرق حياتك وعمرك، في صمت متسللة كاللص حين يسرق أغراضك ولا يهمه قيمة تلك الأغراض بالنسبة لك. لكن تظل الوحدانية أحيانا السبيل الأمثل لمراجعة نفسك والتمعُّن فيها؛ ولربما قد تساعدك على الإبداع والإنشغال بما ينفع بدل الصراخ والبكاء والشكوى.
قلت لها لِمَ أنت غاضبة وعصبية؟ لم تتذمرين وتصرخين شاكية من الأوضاع هنا؟ ماذا كنت تنتظرين؟ فالسماء لن تمطر عليك الأموال والذهب والفضة بدون بذل أي مجهود في الوصول إلى ما تحلمين به!
إستيقظي صديقتي. كفانا أحلاما وشعارات. فهاته الأخيرة صارت تُدمِّر وتشتت الأفراد والأسر والمجتمعات. إستيقظي … وإلا أصبحت تائهة … لا أنتِ من أولئك ولا أنت من هؤلاء. قاسية نعم هي الغربة؛ لكن أجمل ما فيها تلك الحرية في اختيار حياتك أحيانا كما تريدين. فلا داعي للإختباء وراء لَوْم سياسة المسؤولين بالوطن الأم ولومهم على مشاكلك.
نعم الغربة مؤلمة … فحينما تفقد أعز الناس إليك ولا تسنح لك فرصة الوداع الأخير، ستبقى تلك الغصة موجعة بداخلك على فراقهم وتتمنين لو تعودين إلى الوراء كي تأخذي صورة معهم لمجرد الذكرى. نعم الغربة مؤلمة … حين تشتاقين إلى والديك وتتمنين أن تعانقيهما … أن تعوضيهما حزنهما لابتعادك عنهما … لكن سيكون قد فات الآوان. وتمر السنون ويغزو الشيب رأسك. وستظل كل هذه المشاعر تتغير بتغير مزاجك اليومي. فإن أشرقت فيه شمس التفاؤل إبتسمت؛ وإن أمطرت فيه زخات التشاؤم اشتكيت. يا صديقتي لا ترمي اللوم على المكان والزمان والأشخاص. بل تحملي مسؤولية إختيارك كاملة … وأينما كنت يمكنك أن تجعلي حياتك جميلة ومشرقة.
مرحبا بكِ معنا هاهنا .